كن كالقمر يرفع الناس رؤسهم كي يروه
ولا تكن كالدخان يرتفع لكي يراه الناس
من الناس من يعيش
حياة مديدة ويمر بأحوال
سعيدة ولكن محصلة حياته
تكون صفراً .. ومن الناسمن يعيش
حياة قصيرة ويمر بأحوال سعيدة لكن
محصلة حياته تشكل رقماً كبيراً في عداد
الرجال
فالأول يعيش على هامش الحياة لا يهتم
إلا بنفسه ولا يكترث بمصالح الناس
ولا يلقي بالاً للمصلحة العامةفيموت دون أن
يدري به أحد لأن موته لا يغير شيئا في حياة الناس ولا ينقص الكون
محسناً بفقده ولا يخسرمصلحاً
بموته فيخرج من الدنيا غير مأسوف عليه
والثاني يعيش الحياة بكل معانيها ويقدم مصلحة الناس على مصلحته
ويكثر من الإحسان إلى الناس
ويكون عضواً فاعلاً ونافعاً في المجتمع فإن مات فإن السماء تهتز
لفقده والأرض تحزن لفراقه ومكان سجوده وصلاته يبكي عليه
والناس تفتقد إحسانه وتحن إليه كما حدث عند وفاة
الأمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام
في الليلة التي مات فيها قام شخص من الفقراء ينتظر من يأتيه
بالطعام كل يوم فلم يأته ففتح الباب ليجد جاره فاتحاً بابه أيضاً فسأل
جاره عن سبب فتحه بابه في ذلك الوقت
فأخبره بأنه ينتظر محسناً يأتيه
بالطعام كل يوم فأخبره بأنه هو أيضا ينتظر
لنفس السبب ولكن المحسن لم يحضر
وفي اليوم التالي عرف
الناس أن الإمام زين العابدين عليه السلام قد انتقل إلى رحمة الله
وعرفوا أنه هو المحسن الذي كان يأتيهم بالطعام وكان
لا يدري به أحد إلا الله .. لذلك كان رقما كبيراً
في تاريخ الإنسانية
وسجل الرجال .
والكثير ممن هم أغنى منه عاشوا وماتوا قبله وبعده ولم يدر
أحد بحياتهم ولا بوفاتهم لأنهم كانوا أصفاراً على يسار رقم الحياة
فلنحاول أن لا نكون صفراً ولنعلم
أن الرقم الذي يمثلنا يكبر كلما كبر تدرجة إحساننا إلى الناس ونحتل مكاناً في
الوجود مساحته تعادل مساحة نفعنا لخلق الله وتعاوننا مع الآخرين في
سبيل المصلحة الوطنية والإنسانية وشعورنا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا
وكلما زاد هذا الشعور زادت معه قيمة الإنسان
فكن
رقما إيجابيا وإياك أن تكون صفرا
ولكن هل تدرون من هو أسوء
من هذا الشخص الصفر
إنه الرقم السلبي الذي لا يسلم الناسمن شره
وأذاه فذلك الذي يقال عند وفاته : الحمد لله
فلا تكن كذلك
وحاول أن تكون ممن يقال عند وفاتهم
لا حول ولا قوة إلا بالله
مم راق لي